الطوطم والحرام
يتألف كتاب “الطوطم والحرام أو التابو” من أربع مقالات نشرت بعنوان “بعض المطابقات في نفسية المتوحشين والعصابيين” في محلة ايماغو”، المقالتان الأولى والثانية “التهب من سفاح القربى، والتابو وازدواجية العواطف في عام 1912، والمقالتان الثالثة والرابعة (الارواحية والسحر وطغيان الأفكار، والعودة الطفولية الطوطمية) في عام 1913. وفي نفس العام (1913) صدرت المقالات الأربع مجموعة في كتاب بعنوان “الطوطم والتابو” في فيينا ترجم الكتاب على الإنكليزية في عام 1918، وإلى الهنغارية في العام ذاته، وإلى الأسبانية 1923، وإلى الفرنسية 1924، وإلى اليابانية 1930 وإلى العبرية 1939. ونلخص فيما يلي ما كتبه ماركس شور، طبيب فرويد الشخصي من 1928 حتى يوم موته في كتابه “سيغموند فرويد حياته ومماته، حول “الطوطم والتابو”. يرى فرويد أن الأرواحية بحد ذاتها ليست ديناً، لكنها تتضمن الشروط الأولية التي عليها قامت الأديان فيما بعد كذلك الأساطير قامت على مقدمات أرواحية.
ولم يتوصل الإنسان الأول إلى نظرته الأرواحية، وهي أولى النظريات التي وضعها لفهم العالم، بسبب حب المعرفة، بل بدافع الحاجة إلى والرغبة في السيطرة على محيطه. وقد أضفى الإنسان البدائي على رغبته قوة سحرية يمكن التحكم بمفعولها عن طريق عدد كبير من الممارسات الرمزية. السحر والشعوذة ساعداه على إنكار عجزه في وسط مليء بالأخطار. هذا هو نمط التفكير الأرواحي الذي يسميه فرويد “طغيان الأفكار” بناء عليه صاغ فرويد أحد مكتشفاته الأساسية، وهو الفرق بين الواقع النفسي والواقع الفعلي، مما سمح له بأن يقيم جسراً بين العمليات النفسية للعصابيين (العمليات الإكراهية) والتفكير السحري لدى البدائيين: ففي كلا الحالتين، في التفكير الأرواحي كما في التصرفات الإكراهية، يتمثل الهدف في : محو الرغبة من الوجود، ذلك لأنه تجري على الصعيد اللاشعوري المساواة بين الرغبة والفعل.
وغالباً لا يكفي هذا، فيكون لأفكار البدائيين وتصرفات العصابيين مفعول العقاب الذاتي. وغالباً لا يكفي هذا، فيكون لأفكار البدائيين وتصرفات العصابيين مفعول العقاب الذاتي. وكل هذا يصح أيضاً على الشعائر الطوطمية والتابوية لدى البدائيين. في “الطوطم والتابو” تتبع فرويد تطور الموقف الإنساني من الموت، من الموت الفردي والموت عامة، من الموت كأقصى تعبير عن الغجر الإنساني. وكان قبلئذ قد كتب حول قضية الموت من مقال “عظيمة هي ديانا افسس 1911) والباعث في اختيار العلبة” 1913. عندما كتب فرويد الفصلين الأخيرين من “الطوطم والتابو” شغلته أيضاً فكرة الزجسية. فاعتقاد الإنسان البدائي بالقدرة الكلية للأفكار أتاح له أن يحفظ ثقته الراسخة بقدرته على التحكم بالعالم المحيط. وهذا “الفرويد مشابهاً لمرحلة التطور الزجسية لدى الأطفال وكذلك للمكونات الزجسية في بعض أشكال العصاب. هذا العنصر الزجسي سمح للإنسان البدائي وللأطفال الصغار أن لا يعيروا عجزهم الأساسي أي اعتبار كذلك يستخدم فرويد فكرة الإسقاط، التي هي إعراضية جداً لدى الهذاء (البارانويا)، من أجل تفسير أهل الأرواح والجان. فيرى في هذه الأخيرة إسقاطا للحوافز العاطفية لدى الإنسان. ويرجح أن الأرواح الأولى كانت شريرة بتأثير الموت على الأحياء والنزاع العاطفي الناجم عن ذلك. بذلك فإن تأثير الموت، رهبته والإدراك الغامض لحتميته والشعور بالذنب ارتبط بالرغبات الشعورية واللاشعورية ضد الميت، كل هذا يصير، برأي فرويد، محور تطور البشرية. في الفصل الأخير من الطوم والتابو” يعرف فرويد أجرأ أطروحة له: إن الطوطمية في مختلف تجلياتها، التطور من شعائر وأعياد التضحية والأغفال الذي يتلوه من الوليمة الطوطمية والتضحية إلى الدين، لا يمكن إعادتها إلى الرغبات الازدواجية المتناقضة فحسب، بل أيضاً إلى جريمة قتل الأب، قائد التلة الأولى (حسب التعريف الدارديني لهذا المفهوم).
في هذه الأطروحة الجريئة ينسب فرويد لعقدة أوديب، هذا يعني للرغبة وما هو أهم، لعقلة قتل الأب مع كل تبعاتها، أهمية كبيرة في تطور البشرية كما في تطور الفرد. ينتمي “الطوطم والتابو” إلى الأعمال التي بقيت هامة جداً بالنسبة لفرويد. ذلك لأنه عند إعداد الكتاب سمح لنفسه بمجازفات جريئة وطموحة، وطبق تفكير التحليل نفسي على كثير من مسائل الوجود الإنساني التي كان يهتم بها منذ طفولته.
0 comments:
Enregistrer un commentaire